انخفضت عوائد سندات الخزانة الأمريكية اليوم الاثنين، وسط ترقب المستثمرين لآخر التطورات السياسية بالولايات المتحدة.
وذكرت شبكة سي إن بي سي الأمريكية، أن العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات انخفض بما يزيد على ثلاث نقاط أساس إلى 4.2077%، فيما انخفضت عوائد السندات لمدة عامين إلى 4.5043%.
ويتطلع المستثمرون إلى صدور بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثانى، بالإضافة إلى أحدث مؤشر لأسعار نفقات الاستهلاك الشخصي والتي من شأنها أن تقدم تلميحات جديدة حول حالة الاقتصاد بالبلاد واحتمالية خفض أسعار الفائدة من جانب الفيدرالي الأمريكي.
وواصل مسؤولو بنك الاحتياطى الفيدرالى في الأسابيع الأخيرة الإشارة إلى أنهم يبحثون عن المزيد من البيانات لإظهار تراجع التضخم قبل اتخاذ قرار بتخفيف السياسة النقدية.
ومن المقرر أن يجتمع البنك المركزي الأمريكي خلال يوليو الجاري دون الإفصاح عن السياسة النقدية والموضوعات الاقتصادية.
وأشارت الشبكة الأمريكية إلى أن المستثمرين يتوقعون على نطاق واسع أن تبقى أسعار الفائدة دون تغيير هذا الشهر.
من جانب أخر اعتبرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية، في عددها الصادر اليوم الاثنين، أن انسحاب الرئيس الأمريكي جو بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية المرتقب ليلة أمس يمثل نهاية مفاجئة ومؤلمة لمسيرته السياسية التاريخية التي امتدت حتى 50 عامًا تقريبًا.
وقالت الصحيفة – في سياق مقال تحليلي حول هذا الشأن – إن بايدن أطلق في منتصف شهر مايو الماضي تحديا حادا لمنافسه الرئيس السابق دونالد ترامب، قائلا إنه على استعداد لمناظرته مرتين قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، لكنه تبين بعد ذلك أن هذا الأمر كان واحدا من أكثر الحسابات الخاطئة دراماتيكيا في تاريخ الحملات الرئاسية الأمريكية الحديثة ، حيث كان أداء الرئيس البالغ من العمر 81 عامًا سيئًا للغاية ضد ترامب في المناظرة الأولى بنحو قضى تماما على آماله في إعادة انتخابه .
وفي ليلة أمس الأحد، أعلن الرئيس أنه لن يسعى لفترة ولاية ثانية في البيت الأبيض لينتهى بذلك ما يقرب من شهر من الجدل المرير والمدمر داخل الحزب الديمقراطي حول قدرته العقلية والجسدية على هزيمة ترامب ومن ثم الحكم لمدة أربع سنوات أخرى.. وأضاف بايدن:” أعتقد أنه من مصلحة حزبي والدولة التنحي الآن”.
وذكرت الصحيفة أن قرار الأمس أنهى بوحشية مسيرة سياسية دامت نصف قرن في قاعات السلطة في واشنطن، مما جعل بايدن على الفور رئيسا في مرحلة حرجة من عمره والآن لم يتبق له سوى ستة أشهر للعمل كزعيم لأقوى اقتصاد في العالم.. كما أنه يُثير حتمًا تساؤلات حول غطرسة بايدن وعناده في السعي لإعادة انتخابه في المقام الأول، على الرغم من العلامات التحذيرية التي تشير إلى أن معظم الأمريكيين، بما في ذلك كثيرون في حزبه الديمقراطي، يريدون منه أن يفسح المجال لجيل جديد من القادة.
وأضافت أن الرئيس يأمل الآن أن يتضمن إرثه امتنان حزبه لقرار شخصي مؤلم بمنح الديمقراطيين فرصة أفضل لهزيمة ترامب، وهو الرجل الذي يعتبره بايدن تهديدًا للديمقراطية الأمريكية.. ورغم أنه من المنتظر أن يتم مناقشة إرث بايدن كرئيس لسنوات قادمة، إلا أن انهيار حملة إعادة انتخابه سيكون أمرًا محوريًا بالنسبة له وعلى الرغم من أنه عانى من انتكاسات سياسية في الماضي، بما في ذلك محاولاته الرئاسية الفاشلة في عامي 1988 و2008، إلا أن قرار الأمس سيكون مؤلمًا للغاية.
وتابعت أنه سيكون أيضًا بمثابة ضربة شخصية لزعيم معروف بعناده بقدر ما هو معروف بنظرته إلى نفسه على أنه يتم الاستهانة به.. لقد اضطر بايدن إلى الخروج من السباق بسبب تراجع قدراته البدنية والعقلية، وليس بسبب أي فشل في السياسة.. بعد دخوله البيت الأبيض عن عمر يناهز 78 عامًا، تتويجًا لعقود من السعي للوصول إلى المكتب البيضاوي، اقترح بايدن أنه سيكون رئيسا أمريكيًا “انتقاليًا”، يسلم الشعلة في نهاية المطاف إلى جيل جديد من القادة.
وفي عام 2022، بعد الانخفاض الحاد في معدلات تأييده في أعقاب الانسحاب المحفوف بالمخاطر للقوات الأمريكية من أفغانستان، كانت هناك تكهنات بأنه قد لا يترشح مرة أخرى، لكن الأداء المفرط للديمقراطيين في الانتخابات النصفية في ذلك العام أدى إلى تهدئة الشائعات ووضع بايدن المتجدد نصب عينيه فترة ولاية ثانية في البيت الأبيض ليقرر المضي قدمًا، وذلك بفضل نصائح من دائرته المقربة من مستشاريه من حملته لعام 2020، بما في ذلك رئيسة الحملة جين أومالي ديلون وكبار مساعديه أنيتا دان ومايك دونيلون، واللذين أكدوا قدرة باين على هزيمه ترامب بشكل فريد بعد أن قام بذلك بالفعل في عام 2020.
وأوضحت الصحيفة أنه في الوقت الذي استمرت فيه معدلات تأييد بايدن في التراجع طوال عام 2023، كان مساعدوه مقتنعين بأن الأرقام ستتحسن بشكل مطرد ، حيث قارن الناخبون إنجازاته، بما في ذلك تشريعات المناخ الشاملة والسياسة الصناعية المصممة لإحياء التصنيع الأمريكي، مع فوضى العودة إلى ترامب.
وبعد أداء قوي في خطاب حالة الاتحاد أمام الكونجرس في مارس الماضي، بدأ بايدن في تحقيق بعض التقدم على ترامب في استطلاعات الرأي، لكنها لم تكن قط من نوع القيادة التي من شأنها أن تجعل الديمقراطيين مطمئنين، فضلًا عن أنه واجه بعض المشاكل الشخصية غير المتوقعة والمدمرة فبعد العثور على وثائق سرية تعود إلى نائب الرئيس في منزله بولاية ديلاوير، برأه تحقيق أجراه مستشار خاص من ارتكاب أي مخالفات لكن تقريره الختامي تضمن وصفًا مدمرًا للرئيس بأنه “رجل مسن ذو ذاكرة ضعيفة لم يتمكن من تذكر متى توفي ابنه الأكبر بو بايدن”!.
وأطلق هذا التقرير حالة من الذعر الأولي بين الديمقراطيين بشأن مدى أهلية الرئيس للمنصب، وفي الوقت نفسه، تم توجيه الاتهام إلى ابنه هانتر ثم إدانته بتهم تتعلق بالأسلحة النارية في محكمة فيدرالية.. وبحلول شهر مايو، مع استمرار بايدن في تأخره قليلاً في استطلاعات الرأي الوطنية وفي العديد من الولايات الحاسمة، خاض مساعدوه مناورة مصيرية متمثلة في مناظرة رئاسية مبكرة مع ترامب وكان بايدن قد وصل إلى ولاية أتلانتا في أواخر يونيو بعد خمسة أيام من التحضير في كامب ديفيد، وفي أعقاب رحلتين إلى أوروبا في وقت سابق من الشهر ووسط كل ذلك، كان يعاني من التهاب في الحلق ولم يكن على ما يرام وبدا متخبطًا خلال المناظرة حتى أصيب الديمقراطيون بالذعر عندما رأوا نقاط ضعف مرشحهم على شاشة التلفزيون في مثل هذا التوقيت الحرج حتى بدأت الدعوات بضرورة انسحابه على الفور.
وبعد ما يزيد قليلاً عن ثلاثة أسابيع تزايدت فيها ضغوط الانسحاب، قال بعض الديمقراطيين إنها أصبحت لا تقاوم خاصة في أعقاب محاولة اغتيال ترامب، الأمر الذي أدى على الفور إلى زيادة الزخم لصالح الجمهوري.
وقال ويليام هاول، المؤرخ الرئاسي بجامعة شيكاغو – في تصريح خاص للصحيفة – إن بايدن واجه قرارًا صعبًا للغاية بالانسحاب.. إن الدافع الأساسي للرؤساء هو أنهم يلعبون على مر العصور، ويهتمون بشدة بتراثهم ويفكرون دائمًا في المكان الذي سيجلسون فيه في التاريخ.
وأضاف هاول أن بايدن كان يريد فترة ولاية ثانية لمتابعة المبادرات السياسية التي تم اتخاذها خلال ولايته الأولى خاصة في ظل حقيقة أن هؤلاء الرؤساء الذين يخدمون فترات متعددة لديهم إرث أكبر وأكثر من أولئك الذين يخدمون فترة ولاية واحدة فقط.
وأكدت الصحيفة البريطانية أخيرًا أن قرار بايدن بالانسحاب من السباق الرئاسي كان بمثابة تتويج لحياة في الخدمة العامة اتسمت بالصعود المطرد إلى قمة السياسة الأمريكية، والتي تخللتها أحيانًا خيبات الأمل والانتكاسات، في حين كانت المأساة الشخصية كامنة في الخلفية.